Makers-of-Memory-_-image-1-e1451186392139.jpg

ملاحظة: تمت كتابة هذه المقالة بشكل منفصل, ففي العام 2014 قامت سوزان بعمل مقابلات ميدانية مع نساء من فلسطين وفي العام 2011 قامت تارا بعمل مقابلات ميدانية في الاراضي الكشميرية. كان هناك خيط مشترك بين ما كانتا يقومان به كنساء يعشن في اراض محتلة. المقال الذي بين ايدينا يعرض بطريقة جدلية قصص لنساء قاومن الاحتلال بطرقهم الخاصة.

فلسطين وكشمير كلاهما عزلتهما الحواجز كُتمت اصواتهم وما زالت دماؤهم تسيل، اراض متخمة بحواجز والات عسكرية لا تحتل الارض فقط بل تعدت لتتوغل بعمق في نفسية وعقل الشعبيين المحتليين الرازحين تحت احتلال معقد يهدف الى تدمير الثقافة واقصاء الشعب.
بالنسبة للكثير من النساء الفلسطينيات والكشميريات فأن مجرد الوجود على الارض يعد شكلا من اشكال المقاومة، فوحدهن قادرات على نقل التراث ووحدهن قادرات على اعطاء الحياة لما تحمله قصص صمودهن من احلام بمستقبل ظل يرفض ان يكون المحتل جزءا منه.
غالبا ما يصور احتلال كلا من فلسطين وكشمير على انه احتلال داخلي لأراض متنازع عليها
يرزح المواطنون الفلسطينيون تحت احتلال عسكري يقيد الانسان ويعطل الحياة، ينشأ قوانينه الخاصة التي تؤثر سلبا على حياة الانسان فيما تغتصب الارض في كل مرة يرغب فيها المحتل بأن يختلس المزيد من الاراضي كما ان اكثر من ٨٠٠،٠٠٠ فلسطيني بين رجال ونساء وطفال تم اعتقالهم او احتجازهم في السجون الاسرائيلية منذ العام العام ١٩٦٧

اما كشمير فقد غزتها المدرعات العسكرية، الحواجز، والاسلاك الشائكة فهي اكثر منطقة تزخر بالقوات العسكرية في العالم بما يقارب ٧٠٠،٠٠٠ قوة عسكرية منتشرون في المنطقة اي ما يقارب قوة عسكرية واحدة لكل اربعة عشر مواطن. اما الشهداء فيقدر عددهم بـ٧٠،٠٠٠ شخص فقدوا حياتهم نتيجة لأحتلال الهند لكشمير.

تتلقى القوات الهندية اغلب دعمها العسكري من اسرائيل حيث استوردت الهند زخيرة بقيمة خمسة بلايين دولار بين العامين ٢٠٠٢ و ٢٠٠٨ لقمع الثورات الاسلامية في المنطقة.
نساء المقاومة

في كلا من فلسطين وكشمير، لعبت النساء دور مهم في استمرار المقاومة ولم يقتصر دورهم على الدعاء والصلاة لتنتهي الحرب بل كانت هي من ينظم المظاهرات ويقودها، ايضا حملت النساء مسؤلية حفظ قصص الثورة وتوريثها لتكون بذلك حافظة للثقافة واللغة ليتلقاها جيل اخر من بعدها.

اما المقاومة لنساء فلسطين لم تكن يوما خيار، فعندما سألت النساء عن سبب مقاومتهن للأحتلال جاءت الاجابات بأن المقاومة اصبحت جزءا من تكوين الفلسطيني فهو يولد مقاوم وينشئ على المقاومة وكما قالت احداهن ان تقاوم يعني ان تكون موجودا.

نورا الام، الجدة، الناشطة واللاجئة التزمت بالمقاومة منذ زمن لتذكر بصمودها ان ليس على الشعب المحتل ان يستكين وان النساء كن دائما السبب الرئيسي لجعل المقاومة تستمر يوما بعد يوم.

كان شعور الامهات والمعلمات اللواتي تمت مقابلتهن انهن يحملن مسؤلية تذكير الجيل الناشئ بتاريخ فلسطين، حيث قالت احدى المعلمات انها تطمح لأن تنشئ جيل مقاوم فهي تقوم بإجابة جميع اسئلة الطلاب و تتوسع لمواضيع خارجة المنهج بهدف اخراج ذلك الجيل الذي يهدف لأن يرى فلسطين محررة.

 

ميرا شاه، زوجة احد الاشخاص المفقودين في كشمير تشرح لما تواصل التنظيم في العلن:

 

Makers-of-Memory_image-2.jpg

“نقوم بالتظاهر كل شهر، لا اخشى قول ذلك، انا لا اتظاهر من اجل زوجي او من اجل ابنائي فقط بل من اجل جميع العائلات التي لديها اشخاص مفقودين. هناك حوالي ١٠،٠٠٠ مفقود في كشمير وانا اريد الحرية لشعبي ولمن فقد ولمن سجن، فحين نحصل على حريتنا سوف لن يبقى هناك قبور جماعية او حواجز او اشخاص مختفين، كل هذا سيتوقف ولأجل ذلك سنواصل التظاهر حتى نعيد الحرية للأموات والاحياء والمفقودين.
تم ايجاد وتوثيق الاف القبور الجماعية في كشمير وبينما تم إجراء فحوص ال DNA على عدد قليل من الضحايا الا ان النتائج التحليل كشفت ان العظام تنتمي لأشخاص مدنيين.
بالأضافة الى محاولة ارجاع هؤلاء المفقودين للنور، عملت النساء ايضا على العناية بالجرحى وتزويد الثوار بالماء والغذاء وفضلا عن هذا كله فأن المرأة تحمل قصة الارض و تحكي قصص من استشهد مستخدمة ابسط الوسائل التي قد تكون حجر على قبر الفقيد.
اثار الاحتلال الاسرائيلي على الفلسطينين.
يأخذ تأثير الاحتلال على الفلسطينيات عدة اشكال، فمن التقييد على الحركة الى الطرق التي تفصل العرب عن الاسرائلين الى فقد الاحبة. تواجه النساء الكثير المصاعب كنتيجة للعيش تحت الاحتلال، فهناك عدة اموار قد يتعرض الفرد من خلالها للموت

اما على ايدي جنود الاحتلال او على ايدي المستوطنين.
سنتيا كانت ممن فقدوا اثنين من ابناءها نتيجة للأحتلال فهي تعيش في بلعين هذه المنطقة التي يجتمع فيها الفلسطينين والناشطين الدولين ليتظاهروا ضد الاحتلال في كل جمعة.

قالت: “فقدت ولدي الذي كان فتى طيب ومحبوب من الجميع، بينما كنت اشاهد التلفاز هرعت الي ابنتي لتخبرني ان اخاها قد اصيب في المواجهات حينها شعرت شيئا ما في قلبي، حين وصلت الى المستشفى وجدت الكثير من الناس والصحفين، قالوا لي ان ولدي قد استشهد، ذهبت الى غرفة العناية المشددة لأره قد لفظ انفاسه الاخيرة وفارق الحياة كل ما استطعت فعله هو وضع قبلة على وجنته قبل ان يأخذوه ليوارى الثرى”
عادتا ما تستخدم قوات الاحتلال قنابل الغاز لتفريق المتظاهرين الا ان تأثيرها على ابنة سنتيا تعدى ذلك ليتسبب في استشهادها، فألم سنتيا بفقد ولدها ابى الا ان يصبح اكثر مرارة بفقد ابنتها التي استشهدت نتيجة تعرضها لقنبلة غاز لم يكن بأمكان الفتاة احتمالها.

“في ذلك اليوم القى قوات الاحتلال العديد من قنابل الغاز في القرية، حتى شعرنا انها تمطر قنابل غاز، عدت الى المنزل ولم اجد ابنتي حيث كانت في منزل الجيران، حين رأيتها لم تكن تتنفس كنت ارى الزبد يخرج من فمها تفاجئ الاطباء من ان تعرضها للقنابل ادى لأستشهادها حيث لم تكن هذه المرة الاولى التي تستنشق فيها ابنتي هذه القنابل، ما اكتشفناه لاحقا هو ان الاحتلال كان يجرب نوعا جديدا من قنابل الغاز بتركيبات كيميائية جديدة على الفلسطينين. حين وصلت الى المستشفى كانت ابنتي قد غادرت الحياة ومنذ ذلك الوقت تغيرت حياتي بالكامل.
اما حياة وداد فتشكل مثالا للعديد من الحالات المشابهة التي جعل الاحتلال من حياتها حياة غير ممكنة ففي محاولته لتهجيرها عن ارضها بزعم ان الارض التي تعيش عليها هي ارض “تعود لليهود تاريخيا” هذه المنطقة التي تدعى مدينة داوود في القدس كان عليها ان تختار بين الصمود او الرحيل. الخيارين الوحيدين اللذين يبقى على الفلسطيني ان يختار بينهما في محاولة الاحتلال المستمرة لتوسعة الاراضي التي لا يكف عن محاولة الاستيلاء على المزيد منها، وبهذا يبقى الخيار للفلسطينين اما بالرحيل او بالوقوف في وجه العدو ومقاومته، وفي حالة وداد كما في حالة بقية الفلسطينين لم يأتي خيارها بالصمود بلا اي مقابل، فقد استشهد ابن وداد اثناء ركوبه للحافلة، حين رأه المستوطنون وعلموا مما كان يرتديه انه فلسطيني، قاموا بملاحقته فور نزوله من الحافلة الى ان تمكنوا من طعنه بالسكين وقتله، نقلوا جثته الى المستشفى وقاموا بسرقة اعضاءه، سرقوا جميع اعضاءه بدون اخذ اي اذن لينجوا المستوطنون بفعلتهم بدون التعرض لأي مسائلة او محاكمة قانونية حتى الان، ويبقى خيار وداد بالبقاء في منزلها بالرغم من التهديدات المستمرة التي تتلقاها من الجنود شكلا من اشكال المقاومة.

التهميش الاعلامي

بالرغم من نشاط المرأة الفلسطينية والكشميرية في المقاومة على الارض وتنظيمها ومقاومتها المستمرة الا انها لاتزال مهمشة في الاعلام لتصور على انها امرأة غير فاعلة لا صوت لها.
 فالاعلام الهندي يصور المرأة الكشميرية على انها ضحية تعيش في مجتمع لا يعطيها كامل حقوقها، الامر الذي يخدم اهداف الهند في البقاء في الارض فالشعب الكشميري يحتاج لمن يمده بالتنوير اللازم حتى يصبح مجتمع يقدر قيمة المرأة ويعرف الاسس التي يجب ان تعامل المرأة على اساسها فهم يسعون الى تصوير المسلمين في كشمير وهم الغالبية العظمى هناك على انهم بربريون كارهون للنساء وعليهم ان يصبحوا اكثر تطورا وانفتاحا.

ولكن الامر الذي لا ينقله الاعلام هو تأثير الاحتلال على كون كشمير منطقة غير امنة ، فوجود الاحتلال هو ما يجعل الاهالي تتخوف من ارسال بناتها الى المدارس والجامعات ما يكبر الفجوة بين عدد الذكور والاناث المتعلمين.

في فلسطين يقلص وجود الاحتلال فرص التعليم لدى النساء فعدم حصول المرأة على التعليم من الامور التي لا يسلط عليها الاعلام الضوء بشكل كافٍ .

ويستمر الاعلام في تهميش دور المرأة في المقاومة خلال الثورات الحالية والسابقة وفي مواجهة ذلك يأتي عمل سيمونا شاروني ليسلط الضوء على دور المرأة الفلسطينية في المقاومة ليكون موجود حتى قبل العام ١٩١٧ وتضع اللوم على عدم توثيق الاحداث ليكون السبب بعدم وعينا لدور المرأة الحقيقي في المقاومة فما تقوله الوثائق يدعي ان دور المرأة المقاوم قد ابتدأ مع اشتعال انتفاضة عام ١٩٨٧ وفي الحقيقة فأن هذا الادعاء يفتقر للصحة ويأتي ليدعم مزاعم الغرب في ان المرأة في دول المشرق مهمشة تفتقر للذكاء ومسيطر عليها من قبل الرجل.

من الواضح ان الاعلام المتعاون مع الاحتلال قد فشل في توصيل الصورة كما هي وقد فشل في رسم الوجة الحقيقي للأحتلال في فلسطين وكشمير، وعلى العكس بما يصوره لنا الاعلام الغربي فأن المرأة في الاراضي المحتلة تواصل العيش بكرامة متخذة المقاومة بجميع اشكالها طريق لها، فهي من تروي قصص الاحتلال وهي الام وهي المقاومة على الارض وهي من تشكل الحجر الاساس للمقاومة على امل ان تتنفس بلادها الحرية التي طالما حاربت من اجلها.

by Tara Dorabji and Susan Rahman

Source: http://jaggerylit.com/makers-of-memory-women-in-occupied-palestine-and-kashmir/

Leave a comment